القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147898 مشاهدة
البكاء على الميت

وبكى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الميت، وقال: إنها رحمة مع أنه لعن النائحة والمستمعة .


قوله: (وبكى النبي -صلى الله عليه وسلم- على الميت... إلخ):
أما البكاء على الميت ففي الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- بكى عندما رفع إليه طفل -وهو ابن بنته- ونفسه تتقعقع ففاضت عيناه، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال:
هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء فبكى على الميت، وقال: أنها رحمة، ولما مات ابنه إبراهيم بكى أيضا، وقال: العين لتدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ففرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين البكاء وبين غيره.
ولما حضر عند بعض أصحابه ثم بكى فبكوا، كأنهم استغربوا ذلك، فقال: إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم يعني: اللسان، كأنه يحثهم على الصبر والتسلي وعدم رفع الصوت.
وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن النياحة، فقد: لعن النائحة والمستمعة وبرئ من الصالقة والشاقة والحالقة . والصالقة هي: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة هي: التي تشق ثوبها، والحالقة هي: التي تحلق شعرها أو تنتفه، وليس هذا خاصا بالنساء، ولكن كأنه الأغلب، وقال -صلى الله عليه وسلم- ليس منا من ضرب الحدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ولد خص الجيوب لأن العادة إذا جاءهم خبر ميت، فإن المرأة أو نحوها تمسك جيبها وتشقه حزنا على ما حصل لها من فراق هذا الميت.